>
قد تبدو قناعاتى بأن المظاهرات لأى سبب ليست وسيلة فعالة لتحقيق أى مكسب اجتماعى أو سياسى؛ ولا داعى لتذكيرى بمظاهرات الخامس والعشرين من يناير فهى طفرة لم يفز المصريون فيها إلا بمكسب واحد هو رحيل عدد لا بأس به من اللصوص عن منصة الحكم، ولها خسائر يصعب حصرها، ولعل أبشعها هو سرقة المتأسلمين لسدة حكم المحروسة؛ فعشنا مع وهم يقول إن مكسبهم للحكم هو إرادة ربانية رغم أن الحق سبحانه لم يأمر بأن يستورد المتأسلمون قتلة مدربين على قتل المتظاهرين السلميين. وعشنا فى ظل إرهابهم عاما كاملا وكانوا يريدون تسليمنا إلى السيدة موزة وزوجها، بل وتمادوا بأن اقترضوا من قطر عدة مليارات بسعر فائدة يفوق اى قرض من اى جهة . وكان اندهاشى يغرقنى فى تساؤل «هل يلتحف المتاسلمون برداء شيلوك تاجر البندقية فى مسرحية شكسبير الشهيرة؟ وجاء اردوغان ليرقب الشعب الذى سيسلمه المتأسلمون قيادته بدعوى أن مصر ولاية من إمبراطوريته المتأسلمة. ومر العام الأسود الكريه بمظاهرات أخرى أسقطت تلك الاكذوبة من مقعد حكم المحروسة. وعلى الرغم من تقديسى لحركتى الجماهير فى الثلاثين من يونيو والسادس والعشرين من يوليو؛ رغم هذا التقديس إلا ان الارتباك فى حركة إنتاج حياة لائقة ظل متعثرا لشهور، خصوصا فى ظل الصدمة النفسية الهائلة التى هدمت قصور أحلام المتأسلمين ومعهم قصور أحلام اردوغان؛ هذا الهدم كان قد ترك بعضا ممن سرق التأسلم حلمهم الجريح فراحوا يتناوبون على افعال إرهابية مثل تفجير هنا او هناك. وطبعا كان تفجير الطائرة الروسية هى قمة من قمم تحويل عشرات الاسر المعتمدة على السياحة كمصدر دخل.. تحولوا إلى بطالة علنية. وطبعا لم يكن من السهل توفير فرص عمل للمتعطلين. ولكن طاقة الحلم المرتبطة بخريطة عمل متفائل ملأت قلب القوات المسلحة المصرية؛ فجاءت البشائر بعملية إصلاح الطرق وهدم للعشوائيات بعد تجهيز مساكن آدمية لمن كانوا يسكنون تلك العشوائيات. وطبعا لم نجد يد من نهبوا مصر فى عهد مبارك وهى تمتد ببعض ما نهبوه لعلهم يساعدون الفقراء كى يقفوا على اقدامهم . ولم نجد خطة تدريب علنية لتجهيز عمالة فنية راقية يمكنها المساهمة فى حركة المجتمع للأمام. ورغم العجز الظاهر فى العمالة الفنية استطعنا أن نحفر مجرى ثانيا بقناة السويس؛ واستطعنا أن نطور ونعلم ما يساعدنا فى إنشاء مزارع سمكية عملاقة. بل وتحمل المصريون عنت تخفيض العملة بما أحدثه هذا التخفيض من اعباء صعبة على الطبقة الوسطى تحديدا. وفى نفس الوقت مضت عملية مكافحة الإرهاب الممول من قطر وتدريب تركى، مضت المكافحة فى طريقها، فأوقفنا مد الإرهاب إلى داخل الوادى، ووقفا بالمرصاد لمحاولته التسلل عبر حدودنا مع ليبيا وقمنا بسد فوهات الإنفاق كى نوقف أى تسلل من حدودنا مع غزة . ولكن هناك منظمات تدعى انها بنت الحلم فى تحرير القدس بينما هى من يتم تمويلها ممن يتعاملون مع إسرائيل كى تواصل عدوانها المستتر على الفلسطينين . وتحت شعارات الإسلام تم قتل الركع السجود فى قرية الروضة بسيناء. وعلى الرغم من كل ذلك مضت مصر فى رحلة الحوار الكريم مع العالم فصرنا لا نجد دولة اوروبية إلا وهى تقدم الاحترام لمصر قيادة وشعبا. وأعدنا علاقاتنا مع أفريقيا بشكل يبنى على ما فات من جهد نبيل قامت به ثورة يوليو. ولكل ما تقدم صرت أرفض بينى وبين نفسى حكاية التظاهر لا لشيء إلا للثمن الفادح الذى تحملنا نتيجة ما سبق من مظاهرات. وكل المطلوب الآن هو مدى مشاركة الجميع فى بناء خريطة مستقبل يضم كل فرد وكل مكونات المجتمع المصرى. ولما تقدم من أسباب صرت أرفض التظاهر وأسأل : أين العمل؟ فالقدس لن تحررها الهتافات أو حرق الاعلام، لكن يحررها هو اكتشاف دور لكل مصرى فيزيد إنتاج بلده ويقل اعتمادنا فى لقمة العيش على غيرنا.