لا أحد يقدر أن يمنع المواطن من أن يعبر عن رأيه أو غضبه، ولا أحد يستطيع أن يطعن في شرعية التظاهر والاحتجاج مادام يتم بشكل سلمي متحضر، يحمل هدفًا ومضمونًا ورسالة واضحة.
ومليونية اليوم ليست مليونية عادية، بل أعتبرها جمعية عمومية لجميع طوائف الوطن، ليعلنوا رفضهم أو تأييدهم للإعلان الدستوري الذي أشعل الاحتجاجات مجددا في جميع ربوع الوطن.
المليونيات يشارك فيها جميع أطياف الشعب، مواطنين وقضاة، صحفيين، وعمالا، سياسيين وشبابا، الجميع أجمع علي العودة إلي الميدان، في بانوراما تعيدنا إلي أجواء يناير الأولي، لكن هنا أتوقف كثيراً ويجب أن أحذر من تحول هذه المليونية لبداية صراع أهلي يسقط فيه الأبرياء، وفاتحة لتناحر بين المصريين بعضهم البعض.
فما حدث في مدينة دمنهور وشهدته مدينة المنصورة أمس الأول من احتجاجات موسعة علي الإعلان الدستوري اعقبها اشتباكات بين مؤيدي قرارات الرئيس من الإخوان وبين رافضيها من القوي السياسية الأخري وهم للعلم مواطنون عاديون، أدت إلي اصابة العشرات ومقتل شاب في الخامسة عشرة من عمره يدعي اسلام، مما ينذر أن مصر -عن جد - في خطر.
القوي المدنية أو بمعني أدق معارضو قرارات الرئيس هم أول من أعلنوا عن هذه المليونية، إلا أن الإخوان كعادتهم أرادوا أن يركبوا الأحداث فقاموا بالاتجاه إلي الحشد والإعلان عن مليونية يؤيدون فيها قرارات الرئيس، لا أحد يستطيع أن ينكر عليهم تصرفاتهم، فمن حقهم مثل كل التيارات السياسية، لكن الخوف كل الخوف من عواقب هذه التصرفات التي يمكن أن تدخل البلد في دوامة من المواجهات بين هذا وذاك، يصبح فيها الدم في الشوارع هو الحديث السائد.
الإخوان يعرفون ان مليونيتهم قد تجر علي البلاد خطرا بالغا، بدليل أنهم نقلوا مكان مليونيتهم من امام قصر عابدين الي الساحة الموجودة امام جامعة القاهرة، معتقدين أن الخطر قد زال ببعد مكان مليونيتهم قليلا عن ميدان التحرير، متناسين أن هناك خطرا آخر هو أن جامعة القاهرة تضم تنظيمات وتيارات شبابية رافضة لتعديلات الرئيس، والتي قد تؤدي الي احتجاجهم علي اقامة الإخوان مليونيتهم أمام جامعة القاهرة، وهي مخاوف فعلا ترددت بين السياسيين، المخاوف قائمة في أن يندس أحد بين متظاهري التحرير ليكدر صفو مليونيتهم وإثارة القلاقل بها.
نحن لا نعارض الاحتجاج، بل الخوف كل الخوف من مليونيات قد يصبغها سوء التصرف بدم الأبرياء من المصريين، كفانا إراقة دماء، آملين أن تتخذ الرئاسة موقفاً يحتوي غضبة المعارضين للوصول إلي حل يرضي جميع الأطراف أو أن تتوافق المليونيات وتتوصل إلي حل سواء، يخرج البلاد من شر لا يعلمه إلا الله، وذلك قبل بدء فعاليات المليونية التي أكتب مقالي قبل بدئها وأتمني لمصر السلامة ولمواطنيها كل الحب والاحترام.