>
ربما كان «الدكتور بطرس بطرس غالى» صاحب عشرات المناصب المرموقة داخل وخارج مصر أول من اكتشف ألاعيب وأكاذيب قناة الجزيرة القطرية، وكان ذلك فى وقت مبكر جداً قبل أن ينكشف أمرها! فى صيف عام 1999 كانت كبرى الصحف العالمية قد بدأت تنشر فصولا من كتاب د. بطرس غالى الجديد وهو «5 سنوات فى بيت من زجاج» عن تجربته كأمين عام للأمم المتحدة وهنا تبدأ الحكاية التى كان د. بطرس قد رواها فى كتابه «بانتظار بدر البدور» حيث كتب يقول: لم تتأخر التليفزيونات العربية عن مواكبة الحدث؛ قبلت أن أشارك فى برنامج على قناة الجزيرة وأن أجيب مباشرة عن أسئلة المشاهدين، الجزيرة هى محطة تليفزيونية تمولها إمارة قطر، عُرف عنها بأنها قفزت فوق كل الممنوعات وهى توجه باستمرار انتقادات لاذعة وتشن هجومات عنيفة على الكبار والعظماء فى العالم العربى! يستقبلنى الصحفى «سامى حداد» فىا ستديو التسجيل الذى أستأجره فى وسط باريس، إنه رجل فى سن النضوج يكلل الشيب رأسه ويوحى مظهره بالطيبة يؤمن لك فورا جواً من الارتياح يطربك بذكاء ويكلمك حتى عن مشاكله الشخصية بلهجة من يأتمنك على أسراره، وما أن يبدأ البرنامج حتى يتحول هذا الشخص الذى يمكن أن تخاله خجولاً أو ممن يفرطون فى المجاملة إلى محقق كبير، ويبدى عدائية قل نظيرها، إن فى ذلك ما يجعل زمام الأمور يفلت من يدك! بالطبع تلك هى اللحظة التى يختارها مصور البرنامج كى يركز الصورة على وجهك المرتبك والمذهول، وهى لحظة مهمة جداً بلا شك للمشاهدين الذين يرون ضيف الشرف يفقد شيئا من مهابته، ولم أشذ عن القاعدة ووقعت أنا أيضا فى الشرك، لكننى أعود لأتمالك نفسى بسرعة وأرد عليه بعدائية أكبر: - من الواضح أنك لم تقرأ كتابى وأنك اكتفيت بالمقتطفات التى نشرت فى الصحف، إن معلوماتك ناقصة واسئلتك خارج الموضوع». هذه العدائية سوف تزداد حين يطرح على المشاهدين بدورهم أسئلة تحد اُختيرت وحضّرت بعناية دون شك! فى أثناء الوقفة الإعلانية يلومنى «سامى حداد» الذى استعاد هدوءه فجأة على لهجتى القاسية: على هذا النحو لن يتجرأ المشاهدون على طرح الاسئلة عليك! اقترح عليه أن يفكر فى اسئلة بناءة أكثر، كإصلاح مجلس الأمن وحق الفيتو والقصف الإسرائيلى على قانا.. ويعلق د.بطرس غالى فيقول: أعلم لاحقا أن هذا البرنامج هو من الاستعراضات الرائجة جداً، الهدف بسيط: دفع الضيف للخروج عن طوره وإحراجه وحمله إذا أمكن على الاستسلام، ما يمنح المشاهدين متعة مشاهدة الثور وهو يقع على ركبتيه قبل أن يعاجله مصارع الثيران بالضربة القاضية! إن وسائل الإعلام العربية لا تزال مشدودة إلى التى يغلب عليها الطابع الشكلى التقليدى، حتى ماذا أعطيت هامشا من الحرية - كما هو الحال مع الجزيرة - انتقلت من اللغة الشكلية التقليدية إلى لغة الأفاعى مع ذلك يجب ألا تتوقع شيئا آخر». انتهت الحكاية التى عمرها 19 عاما ولا تزال «لغة الأفاعى» هى لغة الجزيرة حتى اليوم، فى كل برامجها ونشراتها مع ضيوفها سواء استضافهم جمال ريان أو فيصل القاسم لا فرق بين هذا وذاك! ولا أتجاوز إذا قلت إن الجزيرة ليست سوى جزيرة من الأفاعى تنشر سمومها وحقدها وأكاذيبها ليل نهار منذ ظهرت عام 1996 وحتى اليوم!